مجالس العلماء للزجاجي » مجلس سيبويه مع الكسائي وأصحابه بحضرة الرشيد
حدثني أبو الحسن قال : حدثني أبو العباس أحمد بن يحيى ، وأبو العباس محمد بن يزيد وغيرهما ، قال أحمد : حدثني سلمة ، قال : قال الفراء : قدم سيبويه على البرامكة ، فعزم يحيى على الجمع بينه وبين الكسائي ، فجعل لذلك يوما ، فلما حضر تقدمت والأحمر فدخلنا ، فإذا بمثال في صدر المجلس ، فقعد عليه يحيى ، وقعد إلى جانب المثال جعفر والفضل ومن حضر بحضورهم ، وحضر سيبويه فأقبل عليه الأحمر فسأله عن مسألة أجاب فيها سيبويه ، فقال له : أخطأت.
ثم سأله عن ثانية فأجابه فيها ، فقال له : أخطأت.
ثم سأله عن ثالثة فأجابه فيها فقال له : أخطأت.
فقال له سيبويه : هذا سوء أدب ! قال : فأقبلت عليه فقلت : إن في هذا الرجل حدا وعجلة ، ولكن ما تقول فيمن قال : هؤلاء أبون ، ومررت بأبين ، كيف تقول مثال ذلك من وأيت أو أويت.
قال : فقدر فأخطأ.
فقلت : أعد النظر فيه.
فقدر فأخطأ.
فقلت : أعد النظر ، ثلاث مرات ، يجيب ولا يصيب.
قال : فلما كثر ذلك قال : لست أكلمكما أو يحضر صاحبكما حتى أناظره.
قال : فحضر الكسائي فأقبل على سيبويه فقال : تسألني أو أسألك ؟ فقال : لا ، بل سلني أنت.
فأقبل عليه الكسائي فقال له : ما تقول أو كيف تقول : قد كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي ، أو فإذا هو إياها ؟ فقال سيبويه : فإذا هو هي.
ولا يجوز النصب.
فقال له الكسائي : لحنت.
ثم سأله عن مسائل من هذا النوع : خرجت فإذا عبد الله القائم ، أو القائم.
فقال سيبويه في كل ذلك بالرفع دون النصب.
فقال الكسائي : ليس هذا كلام العرب ، العرب ترفع في ذلك كله وتنصب.
فدفع سيبويه قوله ، فقال يحيى بن خالد : قد اختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما فمن ذا يحكم بينكما ؟ فقال الكسائي : هذه العرب ببابك ، قد جمعتهم من كل أوب ، ووفدت عليك من كل صقع ، وهم فصحاء الناس ، وقد قنع بهم أهل المصرين ، وسمع أهل الكوفة وأهل البصرة منهم ، فيحضرون ويسألون.
فقال يحيى وجعفر : لقد أنصفت.
وأمر بإحضارهم ، فدخلوا وفيهم أبو فقعس ، وأبو زياد ، وأبو الجراح ، وأبو ثروان ، فسئلوا عن المسائل التي جرت بين الكسائي وسيبويه ، فتابعوا الكسائي وقالوا بقوله.
قال : فأقبل يحيى على سيبويه فقال له : قد تسمع أيها الرجل.
قال : فاستكان سيبويه ، وأقبل الكسائي على يحيى فقال : أصلح الله الوزير ، إنه قد وفد عليك من بلده موملا ، فإن رأيت ألا ترده خائبا.
فأمر له بعشرة آلاف درهم ، فخرج وصير وجهه إلى فارس ، فأقام هناك حتى مات ولم يعد إلى البصرة.
قال أبو العباس : وإنما أدخل العماد في قوله : فإذا هو إياها ، لأن " فإذا " مفاجأة ، أي : فوجدته ورأيته.
ووجدت ورأيت تنصب شيئين ، ويكون معه خبر ، فلذلك نصبت العرب.
>
.
منقول للفائده
.
صابر عباهره
.