غزة– ماجدة البلبيسي -أجمع عدد من الخبراء والمختصات بالقضايا الحقوقية والقانونية أن "مطالبة النساء بحقهن في الميراث مازال يمثل تحدياً حقيقياً بالنسبة للنساء، حيث يتخوفن من المطالبة به لأسباب اجتماعية، رغم تمكن العديد منهن من الحصول عليه مؤخراً بعد العشرات من جلسات التثقيف والتوعية التي نفذها مركز شؤون المرأة خلال الفترة الماضية".
وأكد المشاركون والمشاركات على ضرورة تكثيف جلسات التوعية القانونية للنساء في جميع المجالات وخاصة في موضوعة الميراث، وتسريع إجراءات التقاضي في المحاكم والتي تساهم في عزوف النساء عن المطالبة بحقوقهن عبر المحاكم، وإنشاء دائرة مختصة في المحاكم الشرعية لتحصيل التركة في فترة زمنية محددة لا تزيد عن (60) يوماً وتفعيل دور المؤسسات على أرض الواقع.
جاء ذلك، خلال لقاء مفتوح نظمه مركز شؤون المرأة، بعنوان "المرأة والميراث.. آمال وتحديات"، بحضور عدد من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني، والعشرات من النساء المحرومات من الميراث اللواتي حضرن جلسات توعية نفذها مركز شؤون المرأة بهذا الشأن، ضمن مشروع "حق المرأة في الميراث" الممول من مؤسسة المساعدات الدنمركية DCA عبر الاتحاد الأوروبي والذي ينفذه المركز.
وقالت المدير التنفيذي لمركز شؤون المرأة آمال صيام ، أن مطالبة المرأة بحقها في الميراث هو حق شرعي ومكفول لها، لكن رغم هذا لا تزال المرأة محرومة من الميراث، وفي حال حصولها عليه يكون إما بترضية أو جزء بسيط من المال أو جزء من أراضي لا تستطيع الانتفاع بها".
وأوضحت صيام بأن حرمان المرأة من الميراث هو شكل من أشكال العنف الواقع عليها، وأصبح يشكل ظاهرة لا يستهان بها في المجتمع لافتةً أن طول الإجراءات في المحاكم بالنسبة لقضايا الميراث تؤدي إلى موت القضية وضياع حق النساء.
من جانبها ،قالت منسقة المشروع ريم النيرب "أن هذا اليوم يأتي ضمن أنشطة المشروع لتعزيز الملكية في فلسطين وهو لقاء حواري بين النساء المحرومات من الميراث ومع صناع القرار من اجل الخروج بتوصيات حول الميراث والعمل من اجل تحقيق مطالبة المرأة الفلسطينية بالميراث".
وأوضحت النقابية إصلاح حسنية محامية المشروع بأنه من خلال ورشات العمل التي نفذتها في إطار مشروع "حق المرأة في الميراث" في كافة مناطق قطاع غزة، لاحظت بأن هناك معاناة حقيقية تتمثل في تخوف النساء من المطالبة بحقهن في الميراث بحكم العادات والتقاليد التي مجتمعنا الفلسطيني، وتخوفاً من القطيعة العائلية لهن.
وقالت حسنية:"تخشى الكثير من النساء من العنف الواقع عليهن جراء مطالبتهن بالميراث، فالكثير منهن يتعرضن للضرب وحرمانهن من الزواج وحتى القتل، رغم أن المطالبة بميراثها هو حقها الشرعي وسكوتها عن هذا الحق يسلب حقوق أخرى"، مطالبة النساء بالوقوف وقفة جادة للحصول على حقهن.
وأضافت:"من خلال هذا المشروع أصبح هناك تحرك إيجابي على مستوى النساء الخائفات، وأصبح هناك وعي من قبل الرجال والنساء فيما بتعلق بموضوع المطالبة من الميراث".
وتحدثت حسنية عن مفاهيم تتعلق بقضايا المرأة والميراث منها تعريف للتركة وأركان الميراث وأسباب الإرث، وعرضت بعض القضايا التي تعاملت معها، مشيرة إلى العنف الموجه للمرأة في مجتمعنا.
من جهتها، أوضحت المحامية حنان مطر من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بان هناك حق شرعي للنساء لكن هناك معيقات تحول دون مطالبتهن بالميراث ، من هذه المعيقات، تفضيل الذكر على الأنثى، عدم ثقة المجتمع بالمرأة.
ولاحظت مطر من خلال الحالات التي مرت عليها بأن النساء لا يحصلن على شيء حقيقي من ميراثهن، فغالباً ما يكون هناك تسوية أو ترضية، أو إجبار على التوقيع على ورقة تفيد بأنها حصلت على كافة حقوقها.
وأشارت إلى أن هناك نساء يجهلن حقوقهن تماماً حيث أن المرأة غير المتعلمة تعاني من جهل حقيقي بشان هذا الموضوع فيما يختلف الوضع عند المرأة المتعلمة التي تعرف بان الميراث هو حق شرعي لها.
وأكدت مطر على أن القانون الشرعي المطبق في الميراث في فلسطين يعطي المرأة حقها في الميراث، ولكن النظرة الذكورية والعادات والتقاليد تقف حائلاً في المطالبة بهذا الحق.
وتحدث المحامي علي الدن من نقابة المحامين، عن الإجراءات التي تمر بها قضايا الميراث في المحاكم، وعن المراحل التي يتم بها تقسيم التركة بين الورثة، وحصر التركة.
وقال الدن:"أن الإجراءات في المحاكم الفلسطينية بالنسبة لقضايا الميراث بطيئة ومكلفة، لذلك كثير من النساء تعزف عن المطالبة بميراثها"،وأضاف " للنساء حق شرعي وقانوني في المطالبة بميراثهن، لكن التطبيق في المحاكم يعاني من خلل كبير، حيث تمضي سنوات كثيرة على بقاء القضية في المحكمة".
وتم في نهاية الكلمات فتح باب النقاش للحضور، حيث تحدثت إحدى السيدات عن تجربة شخصية مرت بها، حين تشجعت على المطالبة بحقها في الميراث، بعد حضورها لإحدى جلسات التوعية، وأضافت:"ما شجعني على ذلك هو توفير مركز شؤون المرأة لخدمة تقديم الشكاوى أمام المحاكم بشكل مجاني للنساء، ورغم أنني أتقدم بشكوى، إلا أنني هددت بذلك حين رفضت إخوتي في البداية منحي حقي، فاضطروا للموافقة".
.