كن صديقي…
هي..
اطلت من خلف ستائر النافذة..
وقطرات المطر تنساب وتنزلق على سطح الزجاج..
شعرت بغصة في حلقها.. وحرقة في صدرها..
وضباب تنهداتها يتكاثف على السطح الشفاف..
وهي تتأمل سيارة زوجها تغادر المرآب ككل صباح..
عادت الى المطبخ.. لتلملم بقايا طعام الافطار..
غسلت يديها.. وجرت قدميها جرا نحو غرفة النوم لتبدل ثيابها..
وقفت بجوار السرير.. وما عادت تحتمل اكثر..
انهارت على الارض تبكي بحرقة..
وصوت شهقاتها ونحيبها يشقان عنان الغرفة..
هدأت قليلا.. ومسحت دموعها وقد اظلمت الدنيا امامها..
ثم ما لبثت ان عادت للبكاء والنحيب من جديد..
هو..
لم تنتبه لصوت مفاتيحه.. ووقع اقدامه وهي تعود للغرفة..
وقف امامها..
تأملها قليلا..
هي ..
كتمت صوت نحيبها.. وصمتت.. ورأسها مطرق نحو الارض..
دموعها تترقرق في حياء..
بعينين ذابلتين.. تنظر اليه من طرف خفي..
خلع حذاءه..
وجلس بجوارها على الارض..
مسح على شعرها.. ثم ضمها اليه… بكل حنان وحب..
اشتمت عطره الزكي في صدره.. وامتزج بمرارة دموعها..
ولم تتمالك نفسها..
واجهشت في البكاء بين ضلوعه!
بقي صامتا..
وهي استرسلت في بكائها ونحيبها وشكواها..
واخذت كلماتها وجملها تتضارب وتتقافز في الهواء..
كانت ضائعة.. تائهة.. مشوشة..
تبحث عن مرفأ امان.. تريد ضمة حنان..
تريد من يسمعها..
تريده هو ..
لاذ بالصمت..
وضمها اليه اكثر..
وبدأت نهنهاتها تتراجع.. وصوتها ينخفض..
حتى سكنت بين ذراعيه..
تراجعت للوراء.. مطأطئة رأسها..
ابتسمت في ارتباك وسط الشتات..
وخرجت كلماتها في ذبول وخجل:
كن صديقي…
رفع ذقنها اليه بطرف سبابته ..
وتأمل عينيها ووجهها وقد غسلتهما الدموع..
وابتسم في حب وهو يهمس:
ولطالما نحن اصدقاء
فلسطينية الرووح
.