سامر صابر محمود عباهرة حطم جيش الاحتلال اسنانه ولم تلق صرخاته اذانا صاغية فمن ينقذ حياته؟
جريدة القدس : 6 حزيران 2011
جنين – من علي سمودي -
صورة الاسير المحرر سامر عباهره يوم خروجه من سجون العدو الاسرائيلي.تعجز كلماته عن التعبير، وتعجز العبارات عن وصف يوميات العذاب في حياته التي تحولت جحيماً يفوق حدود الاحتمال، والالم يسلبه كل معاني الحياة، لتتحول كل لحظة لموت بطيء وعذاب يحرمه كل حقوقه كانسان، فهي اقسى من تلك الضربات التي كالها لها الجنود الاسرائيليين خلال اعتقاله،
واشد وطاة بمرارتها من ايام المعاناة خلف القضبان، وبين اسره وتحرره لم تتغير الصورة القاتلة، ففقره وقلة حيلته واقفال الابواب امام صرخاته جعلته عاجزا عن الحصول على العلاج الذي نجح البشر في تحقيقه ولكنه بالنسبة اليه مستحيل، فما من راتب او وظيفة او يد تمتد لتضمد جراحه النازفه التي تحرمه طعم النوم او الاكل او قطرة الماء رغم انه قرع كل الابواب وخط مئات الرسائل، باحثا عن حقه المشروع كاسير محرر ومناضل لم يبخل بعطاءه عن وطن احبه حد العشق ولكنه لم يجني وهو الصابر الثابت المرابط حتى اليوم سوى الالم والحزن والعذاب وكثير من الدموع.<
حكاية الدموع
هي دموع ترافق كوابيس لا تتوقف وجراح نازفه بمداد الدم والالم تروي حكاية الاسير المحرر سامر صابر محمود عباهرة ( 32 عاما ) من بلدة اليامون قضاء جنين ، ذلك الشاب الذي كان يفيض حيوية ونشاط وعشق لارضه وشعبه فلم يتاخر عن تادية واجبه الوطني والنضالي، كما يقول " عندما اندلعت انتفاضة الاقصى فعاقبني الاحتلال بادراج اسمي ضمن قائمة المطلوبين ، لتستمر مطاردتي عام ونصف"، ورغم المداهمات والكمائن لم يتوقف فيها عن العطاء حتى حلت ساعة الجحيم باعتقاله في فجر يوم 24-10-2003.
اليوم الاسود
تاريخ ترتبط به كل تفاصيل حياة البؤس والشقاء التي حلت بسامر في ذلك اليوم الذي اطلق عليه الاسود ففيه فقدت حياتي التي لا زلت محروما منها وابحث عنها ، ويقول " تسللت لمنزلنا للاطمئنان على عائلتي وفي لمح البصر حاصر الاحتلال المنزل ودمروا جميعا محتوياته واعتقلوني ثم قيدوني واقتادوني لمنطقة مجاورة وسط التهديد والوعيد "، لم يكن سامر يتوقع كما يقول باسوا كوابيسي ما مارسه الجنود بحقي ، كنت اعتقد انه اعتقال عادي ولكن فوجئت بما اعدوه لي ، القاني الجنود ارضا وهم يحاصرونني بالكلاب البوليسية وشرعوا بتحقيق ميداني معي للكشف عن باقي المطلوبين ، رفضت الاجابة ولزمت الصمت وفوجئت بردة الفعل ، قفز احد الجنود فوق جسدي وضربني بسلاحه على فمي مباشرة ورغم النزيف الحاد كرر اسئلته وتهديدي بالموت ، ثم تكررت العملية لم اكن اتوقع انه سيعاقبني بهذه الصورة ولكني رفضت الحديث معهم فاستمر بضربي حتى فقدت الوعي وايقظني الجنود وانا مضرج بالدماء بعدما تطايرت اسناني فهاجمتني الكلاب البوليسية في وقت فقدت فيه القدرة على لوقوف او الحركة ".
اهمال العلاج
خضع سامر بعد اعتقاله لاسعاف اولي ، ويقول " ولكن كنت بحاجة لمستشفى وليس مجرد علاج طاريء فما تعرضت له من ضرب ادى الى تكسير الاسنان الامامية واحداث تشوهات في المظهر العام للفم والاسنان ، ورغم ذلك رفضوا علاجي وقاموا بمساومتي واشتراط علاجي بالاعتراف بالتهم المنسوبة الي ولكن رغم المي وماساتي وفاجعتي الكبيرة والمضاعفات تسبب لي الالام حادة رفضت الاعتراف باي تهمة "، ويضيف " جرى تحويلي للاعتقال الاداري وبعد نقلي للاقسام في السجن بدات محاولات الاسرى لانقاذي والمطالبة بعلاجي ولكن الادارة رفضت رغم المشاكل الكبيرة التي عايشتها ، فقد عشت بلا اسنان واصبحت غير قادرا على الطعام او النوم من شدة الالم ".باءت بالفشل كافة محاولات المؤسسات الانسانية والدولية لانقاذ حياة سامر ، ويقول " خلال اعتقالي رفضوا علاجي او ادخال طبيب لمساعدتي امام الحالة الماساوية ورفضوا الافراج عني واستمروا في تجديد اعتقالي الاداري لمدة عامين تجرعت خلالهما كل صنوف العذاب والملف السري سلاح الاحتلال لابقائي رهن الاعتقال دون علاج".
صور اخرى
ويتذكر المحرر سامر ايام العذاب في سجن مجدو ، ويقول " استمر اهمال حالتي رغم عدم قدرتي على الطعام والشراب حتى اصبحت اعاني من صداع ، وكان يتم نقلي الى عيادة السجن لكن دون نتيجة . ويضيف " في احدى المرات عوقبت بالعزل الانفرادي لاني قدمت احتجاجا على رفض طبيب سجن النقب علاجي عندما اصبت بحالة مرضية صعبة ، وكان الاسرى دوما يهتمون بحالتي ويرعونني وبعضهم ممن كان يعاني من مشاكل اسنان يقدمون دواءهم المسكن لي ودوما كنت اولوية في العلاج وعلى الرغم من انني كنت ارفض ذلك لكنهم كانوا يصرون على ذلك". اما في سجن " عوفر" فعاني سامر من شدة الاوجاع حتى فقد القدرة على النوم ـ ويضيف " لولا رعاية الاسرى لكنت مت في السجن من شدة المرض ومع اشتداد حالتي كنت افضل ان اكون منعزلا عنهم حتى لايتالموا لالمي واسبب لهم المشاكل".
معاناة بعد التحرر
خلال ذلك ، تفاقمت معاناة سامر الذي اثارت قضيته العديد من المؤسسات الحقوقية خاصة بعد نشره مناشدة في صحيفة حول خطورة استمرار اعتقاله على حياته ، ويقول " بعد تجديد اعتقالي في المرة الاخيرة تكاثفت جهود المؤسسات الحقوقية وابرزت تقارير وشهادات تؤكد خطورة وضعي فحصلت على قرار بالافراج ".فرح سامر بتحرره ، وسارع للبحث عن علاج لحالته التي طرات عليها مضاعفات كبيرة بسبب ظروف الاعتقال واهمال علاجه ، ويقول بعد خروجي من الاعتقال بتاريخ 11/9/2005 توجهت الى مشفى الشيخ زايد في رام الله لمتابعة وضعي الصحي المتدهور ، واجريت لي عدة فحوصات، ولكن الاطباء ركزوا على معاناتي من الالام في اليد اليسرى لانني خلال اعتقالي عانيت من تشنج في اعصاب اليد بسبب مهاجمة الكلب لي وظروف السجن".
الماساة الكبرى
لكن المشكلة الاهم التي كانت تقض مضجع سامر هي علاج اسنانه ، ويقول " بدات ابحث عن حل لاسناني ، وراجعت عدد من الاطباء المختصين وقابلت لجنة متخصصة بناء على طلب وزارة الصحة والتي اوصت بحاجتي لعملية زراعة لجميع اسنان الفم دون استثناء ".
لم تكتمل فرحة سامر بالتشخيص ، لان الطريق للتامين مصاريف العلاج لم تكن سهله ، ويقول " لم اكد افرح عندما علمت بالحل والعلاج حتى شعرت بصدمة والم كبير لان مصاريفه تبلغ 10 الف دينار ، فتوجهت للجهات المسؤولة مبتدا بوزير الاسرى انذاك اشر وبعد اطلاع الوزير على الاوراق والتقارير الطبية كان الجواب من قبل وزارة الاسرى بان وزارة الصحة لا تغطي تكاليف علاج الاسنان " ، ورغم حزنه وتاثره لم يستسلم سامر للامر الواقع ويضيف " واصلت محاولاتي وطرق باب المسؤولين ، لم تبقى جهة او وزارة او مؤسسة الا وطرقت ابوابها لتغطية نفقات العلاج الكلي لكن دون جدوى ".ويضيف ، في احدى المرات وجهت مناشدة لرئيس الوزراء الدكتور سلام فياض الذي اوصى وزارة الشؤون الاجتماعية بجراء اللازم ولكن كان الرد من قبل الوزارة بانه اذا تمت الموافقة على الكتاب فان السقف الاعلى لعملية التغطية العلاجية تتراوح بين 3000 الى 4000 شيقل ، وقد تابعت الموضوع مع وزارة الشؤون الاجتماعية رغم ان المبلغ لايغطي الا 12.5 % من قيمة المبلغ الكلي لعملية علاج الاسنان فقط دون النظر الى علاج اصابة اليد ".
ماساة مستمرة
منذ الافراج عنه ، يعيش المحرر سامر مضاعفات الالم محروما من كل نعم الحياة لان نتيجة جميع المناشدات التي اطلقها هي " عدم تغطية وزارة الصحة لعلاج الاسنان"، ويقول " لست ادري ما معنى هذا القانون الذي اعتبره ظالم ، فحتى لو كان كذلك فلماذا لا يوجد حل لقضيتي ؟ اليس من حقي العلاج لاستعيد صحتي وعافيتي كل البشر "، ويضيف " 8 سنوات مرت وانا محروم من الكثير من اصناف الطعام ، اتمنى ان اتناول تفاحة او حبة لوز ، بل انني عندما اشرب الماء اتالم جدا اذا كان باردا ،وكذلك الاشربة الساخنة ، بل اليوم اعاني من مشاكل في النطق فغالبية الكلمات التي انطقها ليست مفهومه للمستمع".
مناشدة وصرخة
على السوائل يعيش سامر ، وعندما يغامر بالاكل يضطر لابتلاع الطعام دون هضمه مما سبب مشاكل له في معدته ونقص في الوزن ، وقال " في السجن كان وزني 79 كيلو واليوم وانا حر في منزلي وزني 64 كيلو نتيجة الاوجاع و مشاكل اسناني ، ولدي نسبة عجز تتراوح من 65 _70 % ، ورغم ذلك لا اتقاضى أي راتب رغم معاناتي ".وبحزن والم، يقول المحرر سامر " ان حياتي بعد الافراج عني هي اصعب من وجودي في داخل السجن ، لانه لايوجد أي مؤسسة تستجيب لصرخاتي رغم كوني كاسير محرر لدي حق شرعي وعادل في العلاج ".
وناشد سامر الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الدكتور سلام فياض وكل ضمير حي في الشعب الفلسطيني ومؤسساته وفعالياته مساعدته ، وقال " لا اريد اوسمة وشهادات تقدير ودروع تكريم ولا حتى راتب او وظيفة مطلبي الوحيد هو علاجي الذي كنت اتوقع الحصول عليه فور الافراج عني، ولكن للاسف مرت هذه الفترة الطويلة وانا اتنقل على ابواب مؤسسات السلطة لتغطية نفقات العلاج ولكنني حتى الان لم احصل على ابسط حقوقي بان اتلقى رعاية طبية مناسبة للعمل على الحد من الامي التي تزداد يوما بعد يوم" .
وبحسب تقارير الاطباء ، فان الحل الجذري لحالة سامر هي ازالة جميع الاسنان الموجودة بالفك العلوي والسفلي واستئصال الاكياس التي بحاجة لذلك مع القيام بتعويضها بغرسات سنية بالفك العلوي والسلفي مع طقم كامل لحين مرور فترة انتظار ثبات الغرزات لتركيب اسنان ثابتة .
الجدير ذكره ، ان سامر ينحدر من اسرة مناضلة فقد استشهد شقيقه احمد خلال انتفاضة الاقصى وتعرض اشقاءه الاخرين للاعتقال ، وهو متززوج ولديه طفلين وعاطل عن العمل.
كن اول من يعلق
التعليقات على: سامر عباهرة حطم جيش الاحتلال اسنانه ولم تلق صرخاته اذانا صاغية فمن ينقذ حياته؟
شارك المقال مع اصدقائك
.
.
.
[/size]