رسالة هامة إلى الشباب الفلسطيني... في النقد الذاتي
بقلم أحمد عرار
كتب الصحفي المصري محمود نافع في صحيفة الجمهورية عن المستقبل وقد تحدث فيه حول إيقاع الدنيا في الفترة القادمة والذي سيكون سريعا جدا فالقادم مذهل وكل شيء سيكون على الهواء مباشرة دون حذف و دون تدخل ودون رقابة و"على عينك يا تاجر" وقد أصبح اليوم من الممكن أن يمتلك كل مواطن قناته الفضائية الخاصة بعد إعلان موقع "يوتيوب" الشهير إمكانية القيام ببث مباشر على الإنترنت. وباختصار ومن الآخر أقول لكم ما قاله المفكر المغربي عبد السلام بنعبد العلي من إننا نعيش في مجتمع مرايا مجتمع "فرجة" ومن يزال يحلم بأنه بعيد عن العيون فانه واهم وحتى إن كان هو اعمي فالمبصرون من حوله كثر وما نحاول تغطيته وإخفاءه وحجبه تكشفه عيون المتربصون و المبصرون فغسيلنا الوسخ ينظر إليه الجميع الآن وأخطائنا الفظيعة وسخافاتنا اليومية لن يحجبها قولنا "الله يستر" لان الله لا يستر و لا يتستر على الأوساخ.
قبل أيام شكا العديد من وجهة نظر نقدية في موضوع ما يتعلق بالمهنية والحيادية، كانت قد طرحت للنقاش، هذه الشكاوى صدرت بسبب عدم تقبلنا النقد وتعودنا الدائم على المديح والتصفيق والتهليل، وبدل من أن نمارس النقد الذاتي لأنفسنا وأخطائنا، صرنا نتبادل الاتهامات والتخوين.
يقول خالص جلبي في كتابه – النقد الذاتي:" ليس أبغض على النفس من الانتقاد، ولا تسكر النفس بخمر كالثناء؛ فالنقد حنظل، والمدح عسل مصفى للسامعين والقارئين. ولكن الروح لا تنضج إلا بجو المعاناة والمواجهة، وليس مثل الوعي نورا، وأعظم مؤشر على الحكمة تقبل النقد وتحمله وشكر صاحبه والاستفادة من الملاحظة، فليس من إنسان فوق الخطأ، ودون المزلَّة والحيد عن جادة الصدق". وإن أعظم النفوس كما يقول ديكارت عندها استعداد لارتكاب أفظع الذنوب!.
حينما بدأت التحركات الشبابية العديدة وانطلقت هذه الصحوة الشبابية المنادية بإنهاء الانقسام، كانت تُشكل بداية حقيقية لنهضة شبابية ودور شبابي كان من المفترض أن يكون منذ زمن، وانطلق الشباب الفلسطيني تاركا عباءةِ الحزب مرتديا العباءة الوطنية من غير وسيط، مع القناعة التامة للشباب بان هذه الأحزاب كانت وسيلة للنضال السياسي والمقاومة من اجل الوطن ولأجل هذا الهدف تأسست، لكنها اليوم فقدت هذه الأهمية، وغلب الكثير من الأحزاب والفصائل مصالحهم الشخصية الذاتية وطمعهم في المناصب، وتغليب مصلحة الحزب على مصلحة الوطن، لقد فقد الشباب ثقتهم بهذه الأحزاب وخلعوا عنهم كل هذه التسميات الحزبية الضيقة وخرجوا تحت شعار واحد وعلم واحد هو علم فلسطين.
لكن هذه النهضة الشبابية لم تسلم من تدخل الأحزاب ولم تسلم أيضا من ثقافة المصلحة التي غلبها بعض الشباب وثقافة الشخصنة، فقد بدأ الشباب التفكير في المصالح والمراكز. إضافة إلى أخطاء عديدة في التنسيق والمتابعة بين المبادرات الشبابية المختلفة مما افقدهم الزخم الجماهيري، كما حاولت حكومة حماس تشويه صورة الشباب مدعية زورا وبهتاناً بأنهم اخذوا أموال من اجل هذه التحركات وبان تحركاتهم هذه ترتدي قناع نضالي ووطني ضد الانقسام لكن هدفهم الانقلاب على الحكومة في غزة.
قبل أيام خرج الشباب في يوم الأسير بمسيرة من أمام مفترق الجامعات وصولا إلى الصليب الأحمر بغزة وكانت جميع المبادرات الشبابية والقوى الوطنية والإسلامية أيضا قد دعت إلى هذه المسيرة، وكانت المفاجأة بان عدد من شارك في المسيرة لا يزيد عن 100 شخص من كل قطاع غزة، أما من كان يعتصم أمام الصليب فلم يزيد عن 2000 شخص أيضا.
وقبل ذلك بيوم 16/4/2011م كانت مباراة ريال مدري وبرشلونة تعرض في المقاهي الساعة 12 صباحاً وكان عدد المتفرجين مئات الآلاف وخرجوا يرددون الشعب يريد ريال مدرير.
إنني هنا أريد أن أتسال أين مئات الآلاف الذين خرجوا في يوم 15 مارس لماذا لم يشاركوا في الدعوات التي استمرت من اجل المطالبة بإنهاء الانقسام؟
هذا السؤال هو ما يجب على الشباب المنادي بإنهاء الانقسام طرحه، اليوم من اجل إعادة رص الصفوف وإعادة ترتيب خطواتهم القادمة، لأنني اعلم بان نواياهم وعزائمهم لن تخور ولن يستسلم الشباب إلا بإنهاء الانقسام مهما حاول الجميع التخريب من خلال التشويه والقمع والاعتقالات أو حتى حبك المؤامرات.
أيها الشباب الفلسطيني واصل نضالك ولا تخشى أي شيء، واعلم بان أي عملية نضال سياسي أو اجتماعي لها ثمن، واعلم بان الوطن هو أغلى ما نملك وبان الأرض هي اغلي واعز حبيبة. وتذكر ما قاله شاعر العروبة احمد شوقي:
وللأوطان في دم كل حر يد سلفت، ودين مستحق
ومن يسقي ويشرب بالمنايا إذا الأحرار لم يسقوا ويسقوا
ولا يبني الممالك كالضحايا ولا يدني الحقوق ولا يحق
ففي القتلى لأجيال حياة وفي الأسرى فدى لهمو وعتق
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق
إن رسالتي الأخيرة موجهة لحركتي فتح وحماس، عليكم أن تنتبهوا جيدا من لم يستمع للشباب اليوم لن يجد من يستمع إليه غدا، ومن لم يقف مع مطلب الشعب والشباب سيجد نفسه غدا عاريا ولن يجد من يقف معه أو يؤيده وسيخسر كل شيء.
الشعب اليوم يريد المصالحة فلماذا يتم تسويف وتأخير هذا المطلب والخيار الوحيد الذي من الممكن أن يجعلنا نقف في وجه الاحتلال الصهيوني خاصة في ظل المتغيرات العربية التي من الممكن أن استثمرنها جيدا ستكون نافعة لنا ولقضيتنا. تصالحوا مع أنفسكم قبل فوات الأوان وتأكدوا بان شباب فلسطين قادر على تغيير كل شيء وقادر على مواصلة مسيرة نضاله، فلطالما كان هو وقود الانتفاضات السابقة وهو روح المقاومة ووقود معركة التحرير القادمة.
وقد أسمعت لو ناديت حياً
.
.
أحمد عرار
.